قليلٌ عن راء ..

الخميس، 24 أغسطس 2017

تدريب على طبق من ذهب | ثُلث عام

بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


"لا شيء يأتي فجأة، كل مافي الأمر أنك لم تنتبه للمقدمات" إجازة الصيف لو نلتفت لها حقَّ الالتفات لعرفنا قيمتها الحقيقية، لعرفنا أنها هديةٌ على طبقٍ من ذهب لا مجرد أيّامٍ منالعطالة، بلا كتبٍ وتكاليفَ واختبارات .. 

ثُلث عامٍ يمضي كلَّ سنة من حياتنا .. هل خرجنا منه بإضافة؟ أم أننا في نفس مكاننا؟ هل فتحنا نوافذ التجارب ولوحنا لها وأمسكنا بها بأيدينا؟ أم أنَّا لا نزال جالسين على الأريكةذاتها نحتسي مشروبنا المفضل ونقلب الأفلام والمسلسلات حتى نسأل، ونتنقل بين موقع وآخر على الهاتف!
ما الذي نريد أن نكون عليه ما إن نعود لروتين حياتنا بعد الإجازة؟ أنريد أن نظل كما نحن؟ أم نريد أن تُضاف لتجاربنا، لخبراتنا، لمهاراتنا، لسيرتنا إضافة مثرية؟ 

لنعود بالشريط للوراءِ قليلًا، حتى بداية العطلة الصيفية ..

"أنا لسا طالبة محد يقبل طالبات للشغل أو للتدريب!" هذه العبارة ربما تكون من أكثر العبارات تردّدًا بيننا؛ ربما تكون حقيقة، وربما هي -في كثيرٍ من الأحيانمجرد شماعةٍ نعلِّقعليها كسلنا في استمرار البحث عن مكانٍ مناسب. 



بالمقابل وعلى طبقٍ من ذهب؛ وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وصندوق تنمية الموارد البشرية "هدفيقدّمن برنامجًا صيفيًّا للطلاب السعوديين وأبناء المواطنات لمن هم أعمارهم١٧ عامًا أو أكثر تحت مسمى "صيفي"يهدف البرنامج باختصار إلى تمكين الشباب السعودي من الدخول لسوق العمل بشكل أفضل من خلال تدريبهم على رأس العمل أو التدريبالخارجيالبرنامج يتيح لي ولك كطلاب فرصة التدرب إما كتدريب وظيفة، أو كتدريب حضور دورة لمدة شهر تقريبًا، وتحفيزًا لنا على المشاركة تُمنح مكافأة للمتدربين تبدأ من٥٠٠ -٢٠٠٠ ريال تقريبًا تختلف باختلاف الجهة.



هديةٌ ثمينةٌ بعيدةٌ عن الضوء .. بعيدةٌ عن أنظارنا ومخططاتنا الصيفية. 




من بؤرةِ عدستي : 

حدَّثتُ سيرتي الذاتية وجهزت كل ما أحتاج إليه بمجرد انتهائي من اختبارات الفصل الثاني لكي أُقدّم على فرصٍ تدريبية، وكنت أفتح الموقع شبه يوميًّا لأتأكد ما إذا فُتح باب التسجيلأم لا، في منتصف رمضان تقريبًا بدأ التسجيل، رفعت طلبات تدريب على ٥ جهات فقط لأنه الحد الأعلى المسموح لطلب التدريب في الوقت ذاته، ويتم القبول في أحدهمقدمت على٥ جهات مختلفة في مجال تخصصي والحماس متَّقدٌ فيَّ! 

يُقال أن المكافحون قد تتأخر مكافأتهم، ولكنها حين تأتي؛ تأتي فاخرة؛ هذا ما شعرت به لاحقًا بعد التدريب. 

ثلاثة أيَّامٍ أستيقظ لأجد بريدًا من الموقع يُفيدني بأنه لم يتم قبولي في ثلاث جهات مختلفةثلاثة جهاتٍ كنت أتوق لأن أُقبل فيهافي كل مرة يصلني بريد بالرفض يزداد شعورٌ مظلمفي داخلي وكأنه يحادثني بخيبة أمل وتساؤلٍ شديد "حأنقبل في تدريب هذا الصيف ولا إيش ! " استغربتُ كثيرًا كون أن سيرتي الذاتية بعد فضل الله تؤهلني للقبول في مجالتخصصي وفي مجالات أخرى، وددت فقط أن أعرف سبب الرفض لأنه لم يُذكر أي شيء في الموقع أو في البريدقلت في نفسي "ما حأخسر شيء، بحاول أقدم حتى لو كل يوميوصلني رفض إلى أن أنقبل أو تخلص فترة القبولكنت قد فقدت كثيرًا من الأمل وقتها، لكني أصررت أن أستمر حتى نهاية فترة القبول وأردد بيني وبين نفسي "لعلَّ وعسى"،بعدها بفترة قصيرة وصلني ردٌّ على البريد بالقبول في "الشركة السعودية للتمويلفرحت كثيرًا بالخبر خصوصًا أن شعور عدم القبول كان قد غلب توقعي، كنت أعد الأيام التيتفصلني عن فترة التدريب من شدة حماسي عدًّا.



قبل أسبوعين .. 
حادثني بالهاتف أحد مسؤولي الموارد البشرية بالشركة قبل الفترة المحددة بأسبوعين ليرى إن كان بإمكاني بدء التدريب قبل وقته بأسبوع لتصبح ٥ أسابيعٍ من التدريب بدلًا عن ٤؛وافقت على ذلك، واتجهت في يومي الأول لمقر الشركة، أنهيت أوراقي وبدأ تدريبي من اليوم التالي.

"كحبةِ قمحٍ شجاعة، تحلم بأن تصبح حقلًا" كحبةِ القمح كنتبدأت بكل حماسة أنتظر المهام والعمل .. في الأسبوع الأول لم تكن المهام كثيرة أبدًا أو على الأقل كما ظننت، حتىجهزوا لي حاسوبًا خاصًا لأعمل عليه، بعدها بدأت تتوالى علي المهام وتنهالكنتُ متدربةً في "قسم الالتزام" 

 مشرفتي تُدعى أ.هبة الشهراني - رئيسة قسم الالتزام بالشركة، كانت لي معلمًا طوال هذه الأسابيع الخمس لم تكن مجرد مشرفة، كانت فعلًا تتحلى بأمانة المعلم الذي يريدك أنتستفيد حق الاستفادة مما تفعله، لم تكن تعلمني من كتابٍ أو من مذكرةٍ معينة .. كانت تعلمني من قلبها فعلًا. 

عملي بالشركة كان بالضبط كما كُتب في الموقع قبل طلبي للتدريب فيها:
  • فرز سياسات الشركة وترتيبها وفق المطلوب
  • متابعة أقسام الشركة والحرص على اتباعهم لأنظمة وقوانين الدولة
  • متابعة القضايا المقدمة من العملاء (للأسف المهمة الأكثر تشويقًا لم أقم بها؛ حاولنا لكن كان بالموقع خلل وقتها) 
  • أرشفة الملفات والمستندات المنتهية 
لم أكن المتدربة الوحيدة بالشركة، كانت معي متدربة بالقسم ذاته، ومتدربتين بالترجمة ومتدربتين بالتحصيلمرّت علينا أيامٌ مزدحمة، وأخرى ننتظر عملًا .. أيَّ عملحتى لو كان تقطيع ورق! 

كُنت أتكاسل أحيانًا عن الذهاب كون ساعات التدريب من الثامنة صباحًا وحتى الرابعة مساءً، لكن فور ما أنهض أستعد بحماسةٍ لليوم الجديدأتممتُ أسابيعي الخمس قبل أيامٍ قليلة -ولله الفضل قبل كل شيء-، تجربة سعيدة وجديدة ومثرية وختامٌ لذيذ لعام ١٤٣٨هـهذه التجربة لم تكن كتجاربي السابقة، لم تكن كتطوعي بأيِّ جهةٍ أو مؤسسةبعد انتهائي من كليوم مهما كان طويلًا أو مليئًا بالمهام أحمد الله ألف مرة على التيسير الذي منحني إياه لأتدربففعلًا لن نشعر بقيمة اللحظة حتى تُصبح ذكرىنتذكر حلاوتها ونستشعر قيمة شقائهاالذي بدوره ساعد في صقلنا وتطويرنا.

هذه التجربة وتجربة عمل أخرى أخوضها حاليًّا علمنني أن العمل كوظيفة يختلف كثيرًا عن التطوع الذي اعتدنا عليهلا أُنكر حق التطوع وفضله عليَّ في صقل شخصيتي وتعليميالكثير، بل وإكسابي مهاراتٍ وأساليب كثيرةٍ ومتنوعة، لكن الوظيفة لا تختلف عن التطوع في المادة فقط -الراتب أو الدخلاختلافها يمكن قياسه بمدى تخصص المهام الموكلة، حجمالمسؤولية في القيام بالأعمال، كِبَر حجم ومساحة الشريحة المستهدفة، وبالتأكيد طابع الجدية -أكثرالذي يغلب المكان. 

يقول ابن الجوزي -رحمه الله- : "اعلم أنك في ميدان سباق، والأوقات تُنتهب، فلا تخلد إلى الكسل، فما فات ما فات إلا بالكسل، ولا نال من نال إلا بالجد والعزم"! 


في اليوم الأخير أهديت مشرفتي هديةً بسيطة تقديرًا لها على جهودها، وهدايا أخرى بسيطة جدًّا للموظفات والمتدربات معي لتكون ذكرى لطيفة. 
الهدايا من متجري @Goldenleaf_store





ما رأيك بالتدريب الآن؟ أليست تجربة لا تفوت؟ 

ريم الميمان
١.١٢.١٤٣٨ هـ




"إذا لم تستطع فعل أشياء عظيمة، فافعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة"




أسعد بتعليقكاتكم ومشاركة إثرائكم!


"سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أنّ لا إله إلّا  أنت، أستغفرك وأتوب إليك"