قليلٌ عن راء ..

الأحد، 7 أكتوبر 2018

رُكام

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


في نفس هذا الوقت من العام الماضي، كنتُ قد شعرت بالإنهاكِ الشديد، إنهاكٌ جسديٌّ، نفسيٌّ، ذهنيٌّ ووقتيٌّ أيضًا!
وكأني "أخطبوط" كلُّ طرفٍ منه يُسحب بقوة في الاتجاه المعاكس للطرف الآخر. أسابقُ نفسي دقيقةً بعد أخرى وأُأنب نفسي إن سقطت من شدة التعب بغير قصد. وأكثر ما كنت أتجاهله -عمدًا- هو أني بكل بساطة

 "تعبت"!

 تعبت من اللهث وراء الإنجاز، تعبت من تبعثر الأولويات، تعبت من شدة التفكير وشرود الذهن، تعبت من تقديم حاجات ثانوية على أمور أساسية.

حتى أيقنت -في وقتٍ متأخر-  أنه فعلًا "لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلَّا وُسعَهَا" ، وأني قد حمّلت نفسي رُكامًا فوق وُسعها؛ فقررت مع بداية العطلة الصيفية أن أتخلص من هذا الركام شيئًا فشيئًا حتى أكون قد استعدت لياقتي الحياتية مع انتهائها.

* الركام ليس ركامًا ماديًا فقط، بل ركامٌ ماديٌّ، ذهنيٌّ، وبشريٌّ.

اكتشفت كل هذا الركام عندما وصلت للمرحلة التي اتضح لي فيها أني أصبحت كثيرًا ما أعطي ليس رغبةً في العطاء؛ بل رغبةً في إنجاز المهمة لا أكثر.


كيف تخلصت منه؟ بثلاث خطوات :

١/ تحديد الركام :


جلستُ مرةً مع نفسي جلسة مصارحة ووضوح؛ كتبتُ كل ما بذهني، أفكاري، طموحاتي، إنجازاتي التي أود تحقيقها على مختلف الأصعدة، إمكانياتي، وكل صغيرةٍ وكبيرةٍ تشغل وقتي، ومن ثم حددت الركام الذي سبب لي الإنهاك والذي كان سببًا في هذه الفقرة المهمة.
* قد تساعدك تدوينة "ميزان الكم والكيف" في تحديد الركام.


مثلًا :
- أغراض مبعثرة في الغرفة.
- عضويات ومشاركات في برامج ومراكز عدة تتطلب مني التزامًا يفوق طاقتي.
-  أحتاج أكثر من ٢٤ ساعة لأنجز مهامي اليومية "الطبيعية".
- علاقات كثيرة غير مصنفة كـ"معرفة، زمالة، صداقة .."
- تطبيقات وصور ومحادثات بالجوال كثيرة.
- رسائل بريدية كثيرة لم تُفتح منذ مدة.

وغيرها كثير ..


بعد تحديدها ننتقل للنقطة التالية ..

٢/ التخلص منه :


هذه الخطوة لا تأتي في يوم وليلة؛ بل تحتاج وقتًا وجهدًا و "قوَّة" لأننا سنتخلص من جزء كبير من حياتنا، أمور اعتدنا على ممارستها وكانت أساسيةً في مخططاتنا السنوية. حتى أتمكن من هذه النقطة قرأتُ عدة مقالات واستمعت إلى عدة مقاطع أجنبية على اليوتيوب لأشخاص جربوا التخلص من الركام ونشروا تجربتهم بتفاصيلها.
*المقاطع غالبها بعنوان : Declutter your life


 * التقويم من متجر سين @seendesign



بدأتُ أتخلص من الركام الذي كان يُثقلني واحدًا تلو الآخر،
بدءًا بالماديات المحسوسة بترتيب غرفتي، وتصفية عضوياتي ومشاركاتي والتزاماتي، وانتهاءً بالأمور التقنية بترتيب وتصفية جوالي من تطبيقات ومحادثات غير مقروءة.

حتى أكون صادقة؛ لم تكن الخطوة بتلك الروعة أثناء القيام بها، ولكن شعور صفاء الذهن وزيادة الوقت وانعدام وجود "تأنيب الضمير" تجاه المهام الغير منجزة أو المنجزة بأقل من الشكل المعتاد هو الشعور الذي كنت أفتقده منذ فترة.

لم أتخلص من الركام فحسب؛ بل رجعت إلى قوائمي التي كتبتها في الخطوة الأولى حتى أستطيع تحديد أولوياتي ومن ثم الموازنة بين جوانب الحياة بالشكل الصحيح -والمناسب لي-. حددت كل ما أردت القيام به على الفترات القصيرة المدى والطويلة المدى وتركت مساحةً حرة لأملأها بحسب ما يطرأ علي في وقتها.

والنقطة الأخيرة والأهم ..

٣/ اتخاذه كأسلوب حياة :


بعد التخلص من الركام، تأتي الخطوة الأهم والأصعب، وهي الحفاظ عليه واتخاذه كأسلوب حياة!
هنا نستطيع أن نقيس مدى التزامنا بهذه العادة في حال أعدنا الركام مرة أخرى وتركناه ينهش من طاقتنا، أو أنَّا استطعنا التخلص مما تراكم علينا بين الحين والآخر.


* رابط تحميل قائمة مهام الأسبوع : https://goo.gl/bpT2E6

ولتثبيت ورق القائمة مثل الدفتر من هنا


لم يمضِ وقتٌ طويل على تخلصي من الركام ولكني أستطيع رؤية الفرق أولًا على جسدي ونفسيتي، إنجازي لمهامي الروتينية البسيطة ومهامي الكبيرة، علاقاتي .. 

*التخلص من الركام دفعةً واحدة ليس بالسهل، بل وقد يؤدي إلى انتكاسة؛ الأفضل التخلص منها بهدوء وروية.





"إذا لم تستطع فعل أشياء عظيمة، فافعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة"


عندك أفكار إضافيّة أو معلومات ممكن تفيدنا حول نفس الموضوع؟ أسعد جدَّا بكتابتك لها في التّعليقات!



"سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أنّ لا إله إلّا  أنت، أستغفرك وأتوب إليك"